حقبة الجبابرة
وحدث لما ابتدأ الناس يتكاثرون على سطح الأرض وولد لهم بنات، انجذبت أنظار أبناء الله إلى بنات الناس فرأوا أنهن جميلات فاتخذوا لأنفسهم منهن زوجات كما طاب لهم. فقال الرب: «لن يمكث روحي مجاهدا في الإنسان إلى الأبد. هو بشري زائغ، لذلك لن تطول أيامه أكثر من مئة وعشرين سنة فقط». وفي تلك الحقب، كان في الأرض جبابرة، وبعد أن دخل أبناء الله على بنات الناس ولدن لهم أبناء، صار هؤلاء الأبناء أنفسهم الجبابرة المشهورين منذ القدم.
عقاب الله للبشرية
ورأى الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض، وأن كل تصور فكر قلبه يتسم دائما بالإثم، فملأ قلبه الأسف والحزن لأنه خلق الإنسان. وقال الرب: «أمحو الإنسان الذي خلقته عن وجه الأرض مع سائر الناس والحيوانات والزواحف وطيور السماء، لأني حزنت أني خلقته». أما نوح فقد حظي برضى الرب.
نوح يصنع فُلكاً
وهذا سجل مواليد نوح: كان نوح صالحا كاملا في زمانه، وسار نوح مع الله. وأنجب نوح ثلاثة أبناء هم سام وحام ويافث. وإذ ساد الشر الأرض أمام الله وعمها الظلم، نظر الله وإذا بها فاسدة لأن كل بشر على الأرض قد سلك في طريق الإثم. فقال الله لنوح: «قد أزفت نهاية البشر جميعا أمامي، لأنهم ملأوا الأرض ظلما. لذلك سأبيدهم مع الأرض. ابن لك فلكا من خشب السرو، واجعل فيه غرفا تطليها بالزفت من الداخل والخارج. اصنعه على هذا المثال: ليكن طوله ثلاث مئة ذراع (نحو مئة وخمسة وثلاثين مترا)، وعرضه خمسين ذراعا (نحو اثنين وعشرين مترا ونصف المتر) وارتفاعه ثلاثين ذراعا (نحو ثلاثة عشر مترا ونصف المتر). واجعل له نافذة على انخفاض ذراع (نحو خمسة وأربعين سنتمترا) من السقف، وبابا تقيمه في جانبه. وليكن للفلك طوابق سفلية ومتوسطة وعلوية. فها أنا أغرق الأرض بطوفان من المياه لأبيد كل كائن حي فيها ممن تحت السماء. كل ما على الأرض لابد أن يموت. ولكني سأقيم معك عهدا، فتدخل أنت مع بنيك وامرأتك ونساء بنيك إلى الفلك. وتأخذ معك في الفلك زوجين، ذكرا وأنثى، من كل كائن حي ذي جسد، لاستبقائها معك. تدخل معك اثنين من كل صنف من أصناف الطيور والبهائم والزواحف على الأرض، حفاظا على استمرار بقائها. وتدخر لنفسك من كل طعام يؤكل وتخزنه عندك ليكون لك ولها غذاء». وفعل نوح تماما حسب كل ما أمر الرب به.
الأمر بالدخول إلى الفلك
وقال الرب لنوح: «هيا ادخل أنت وأهل بيتك جميعا إلى الفلك لأني وجدتك وحدك صالحا أمامي في هذا الجيل. خذ معك من كل نوع من الحيوانات الطاهرة سبعة ذكور وسبع إناث، واثنين، ذكرا وأنثى من كل نوع من الحيوانات الأخرى غير الطاهرة. وخذ معك أيضا من كل نوع من الطيور سبعة ذكور وسبع إناث لاستبقاء نسلها على وجه كل الأرض. فإني بعد سبعة أيام أمطر على الأرض أربعين يوما، ليلا ونهارا، فأمحو عن وجه الأرض كل مخلوق حي». وفعل نوح بموجب كل ما أمره الرب به. وكان عمر نوح ست مئة سنة عندما حدث طوفان الماء على الأرض. فدخل نوح إلى الفلك مع زوجته وأبنائه وزوجاتهم (لينجوا) من مياه الطوفان. وكذلك الحيوانات الطاهرة وغير الطاهرة، والطيور والزواحف، دخلت مع نوح إلى الفلك اثنين اثنين، ذكرا وأنثى، كما أمر الله نوحا.
الطوفان
وما إن انقضت الأيام السبعة حتى فاضت المياه على الأرض ففي سنة ست مئة من عمر نوح، في الشهر الثاني، في اليوم السابع عشر منه، تفجرت المياه من اللجج العميقة في باطن الأرض، وهطلت أمطار السماء الغزيرة، واستمر هذا الطوفان على الأرض ليلا ونهارا مدة أربعين يوما. في ذلك اليوم الذي بدأ فيه الطوفان دخل نوح وزوجته وأبناؤه سام وحام ويافث وزوجاتهم الثلاث إلى الفلك. ودخل معهم أيضا من الوحوش والبهائم والزواحف والطيور وذوات الأجنحة كل حسب أصنافها؛ من جميع المخلوقات الحية أقبلت إلى الفلك، ودخلت مع نوح اثنين اثنين، ذكرا وأنثى دخلت، من كل ذي جسد، كما أمره الله. ثم أغلق الرب عليه باب الفلك. ودام الطوفان أربعين يوما على الأرض، وطغت المياه ورفعت الفلك فوق الأرض، وتكاثرت المياه على الأرض وطغت جدا، فكان الفلك يطفو فوق المياه. وتعاظمت المياه جدا فوق الأرض حتى أغرقت جميع الجبال العالية التي تحت السماء كلها. وبلغ ارتفاعها خمس عشرة ذراعا (نحو سبعة أمتار) عن أعلى الجبال، فمات كل كائن حي يتحرك على الأرض من طيور وبهائم ووحوش وزواحف وكل بشر مات كل ما يحيا ويتنفس على اليابسة. وباد من على سطح الأرض كل كائن حي سواء من الناس أم البهائم أم الزواحف أم الطيور، كلها أبيدت من الأرض، ولم يبق سوى نوح ومن معه في الفلك. وظلت المياه طامية على الأرض مدة مئة وخمسين يوما.
تناقص المياه
ثم افتقد الله نوحا وما معه في الفلك من وحوش وبهائم، فأرسل ريحا على الأرض فتقلصت المياه وانسدت ينابيع الماء في الأرض والسماء، واحتبس المطر. وتراجعت المياه عن الأرض تدريجيا. وبعد مئة وخمسين يوما نقصت المياه. واستقر الفلك على جبال أراراط في اليوم السابع عشر من الشهر السابع للطوفان. وظلت المياه تتناقص تدريجيا حتى الشهر العاشر. وفي اليوم الأول من الشهر العاشر بدت قمم الجبال.
إرسال الغراب والحمامة
وبعد أربعين يوما أخرى فتح نوح النافذة التي كان قد عملها في الفلك. وأطلق غرابا، فخرج وظل يحوم مترددا إلى الفلك حتى جفت المياه عن الأرض. ثم أطلق نوح حمامة من الفلك ليرى إن كانت المياه قد تقلصت عن وجه الأرض، ولكن الحمامة لم تجد موضعا تستقر عليه رجلها فرجعت إليه في الفلك، لأن المياه كانت مازالت تغمر سطح الأرض، فمد يده وأخذها، وأدخلها عنده إلى الفلك. وانتظر سبعة أيام أخرى ثم عاد فأطلق الحمامة من الفلك، فرجعت إليه عند المساء تحمل في منقارها ورقة زيتون خضراء، فأدرك نوح أن المياه قد تناقصت عن الأرض. فمكث سبعة أيام أخرى ثم أطلق الحمامة فلم ترجع إليه هذه المرة.
ظهور الأرض
وفي اليوم الأول من الشهر الأول من السنة الواحدة والست مئة من عمر نوح، جفت المياه عن الأرض، فرفع نوح سقف الفلك وتطلع حوله، فرأى أن سطح الأرض قد أخذ في الجفاف. ولكن الأرض لم تجف تماما إلا في اليوم السابع والعشرين من الشهر الثاني.
الخروج من الفلك
وخاطب الله نوحا قائلا: «اخرج من الفلك أنت وامرأتك وبنوك ونساء بنيك معك، وأخرج كل ما معك من الكائنات الحية، من طيور وبهائم وكل ما يزحف على الأرض لتتوالد وتتكاثر على الأرض». وخرج نوح وبنوه وامرأته وزوجات بنيه معه. وكذلك خرجت معه كل الحيوانات، والزواحف والطيور، وكل ما يدب على الأرض، كل منها كجنسها.
بناء مذبح للرب
وبنى نوح مذبحا للرب ثم اختار بعضا من جميع البهائم والطيور الطاهرة وقربها محرقات على المذبح. فتقبلها الرب برضى، وقال في نفسه: «لن ألعن الأرض مرة أخرى من أجل الإنسان، لأن أهواء قلب الإنسان شريرة منذ حداثته ولن أقدم على إهلاك كل حي كما فعلت. وتكون كل أيام الأرض مواسم زرع وحصاد وبرد وحر وصيف وشتاء ونهار وليل، لن تبطل أبدا».
الله يبارك نوحاً
وبارك الله نوحا وأبناءه قائلا لهم: «أثمروا وتكاثروا واملأوا الأرض، لتخشكم وترهبكم كل حيوانات الأرض وطيور السماء، وعلى كل ما يتحرك على الأرض، وعلى سمك البحر، فإنها كلها قد أصبحت خاضعة لكم. وليكن كل حي متحرك طعاما لكم، فتأكلون كل شيء كما تأكلون البقول الخضراء التي أعطيتكم. ولكن لا تأكلوا لحما بدمه. وأطالب أنا بدمكم لأنفسكم. من يد كل حيوان أطالب به، ومن يد الإنسان أيضا أطالب الأخ بنفس أخيه الإنسان. فسافك دم الإنسان يحكم عليه بسفك دمه لأن الله خلق الإنسان على صورته. أما أنتم فأثمروا وتكاثروا وتوالدوا في الأرض».
عهد الله مع نوح
وخاطب الرب نوحا وأبناءه معه قائلا: «ها أنا أقطع عهدي معكم ومع ذريتكم، ومع جميع المخلوقات الحية التي معكم، من طيور وبهائم، ومن كل حيوانات الأرض التي خرجت معكم من الفلك، مع كل المخلوقات الحية على الأرض. أقطع عهدي معكم بأن لا يبيد الطوفان كل ذي جسد ثانية، وأن لا يكون هناك طوفان ليقضي على الحياة في الأرض». وقال الرب: «وهذه هي علامة العهد الأبدي الذي أقيمه بيني وبينكم وبين المخلوقات الحية التي معكم: أضع قوسي في السحاب فتكون علامة عهد بيني وبين الأرض. فيكون عندما أخيم بالسحاب فوق الأرض، وتظهر القوس، أني أذكر عهدي الذي بيني وبينكم وبين كل المخلوقات الحية من ذوات الجسد، فلا تتحول المياه إلى طوفان يبيد كل حياة. وتكون القوس في السحاب، فأبصرها، وأذكر العهد الأبدي المقطوع بيني وبين جميع المخلوقات الحية على الأرض». وقال الله لنوح: «هذه هي علامة العهد الذي قطعته بيني وبين كل حي على الأرض».
الخطوة الثانية: أعد سرد القصة
خذ دقائق قليلة لإعادة سرد القصة بلغتك الخاصة. يمكنك قراءتها بصوت مرتفع، أو قم بكتابتها. إذا وجدت صعوبة في تذكّر القصة, قم بقرائتها أو الاستماع اليها من جديد.
الخطوة الثالثة: إكتشف وتعرّف بالقصة
عندما تشعر بأنك فهمت واستوعبت القصة قم بإعادة التأمل بهاأو انتقل لمناقشة الأسئلة التالية
ماذا تعلمني هذه القصة عن الله؟
ماذا تعلمني هذه القصة عن البشر والناس؟
إذا كانت هذه بالحقيقة كلمة الله، ما التغيير الذي يجب أن أقوم به في حياتي الشخصية؟